أخبار عاجلة
الرئيسية / تعليم جديد / التنمية المهنية الإلكترونية للمعلم كمدخل لمواكبة التعليم عن بعد

التنمية المهنية الإلكترونية للمعلم كمدخل لمواكبة التعليم عن بعد

Spread the love

كتب –  مشاعل اسعد السعدون

لقد أصبح جلياَ أن قضية التنمية المهنية الإلكترونية للمعلم من أهم القضايا التربوية الحالية التي تطرح نفسها بقوة على مجتمع المعلمين والمعلمات؛ وذلك لما لها من أهمية بالغة في تطوير الأداء، وبالتالي تحسين تعلم التلاميذ مما يؤدي إلى تحسين مخرجات العملية التعليمية بأكملها. ونظرا لذلك تهدف المقالة الحالية إلى تقديم رؤية علمية حول التدريب الإلكتروني للمعلمين، ودوره في تحسين مهاراتهم لمواكبة التعليم عن بعد، ولكن كيف يتحقق هذا الهدف؟ إذن لابد من وجود مجموعة من التساؤلات التفصيلية تترجم هذا الهدف وتعبر عن مكنونه كالتالي: ما مكانة التنمية المهنية الإلكترونية للمعلم في التعليم عن بعد؟ وما مفهوم وأهمية التنمية المهنية الإلكترونية للمعلم في التعليم عن بعد؟ وكيف يمكن للتأهيل الإلكتروني أن يكون مدخلا لتطوير التنمية المهنية للمعلم (وممارساته الصفية واللاصفية) ليواكب التعليم عن بعد؟ وما هي خصائص التأهيل الإلكتروني للمعلم؟ وما مبررات الأخذ بالتأهيل الإلكتروني كمدخل للتنمية المهنية؟ وهل توجد معوقات في التأهيل الإلكتروني للمعلمين؟ وماهي الاستراتيجيات والوسائل الملائمة لتنمية المعلم مهنياّ من خلال الممارسات الصفية واللاصفية ليواكب التعليم عن بعد ؟.

مما لاشك فيه أن مواصلة التعلم والتدريب للمعلم ضرورة ملحة تفرضها اعتبارات كثيرة لا يختلف عليها اثنان فهي أولاَ امتثالاَ لقوله تعالى: (وقل ربِّ زِدني عِلمَاً) [القرآن الكريم ، طه: 114] وفي ذلك ما يدل على شرف العلم وفضيلة الاستزادة منه، وثانياَ تأتي ثورة الانفجار المعرفي والتكنولوجي، وتنوع أساليب التعليم، وظهور المستحدثات في مجال تقنيات التعليم والتعلم، وأخيراَ تطبيق أغلب دول العالم إن لم يكن جميعها في ظل جائحة كورونا لفلسفة التعليم عن بعد، فأصبح المعلم المبدع هو طالب العلم الذي يسعى دوماَ لاكتساب مهارات متجددة، ومواكبا لتلك التطورات والتحديات المعرفية والتقنية، لكن هل حافظت التنمية المهنية للمعلم على مكانتها في عصر الثورة المعرفية والتكنولوجية؟ نجد بالفعل أنها كانت ومازالت تحتل المكانة الكبيرة في تطوير التعليم، بل أن منظمة اليونسكو تعتبر إعداد المعلم هو طريقة أساسية للتغلب على مشكلات التعليم في عالمنا المعاصر (الحر،2010) وفي ظل ذلك طرح التأهيل الإلكتروني نفسه كمدخل رئيس هذه الآونة لتطوير المعلمين والمعلمات لتمكينهم من مواكبة فلسفة التعليم عن بعد.

وقبل أن نتعمق في الحديث، ونخوض في تفاصيل الحديث عن التأهيل الإلكتروني، هل تعلم ما المقصود بالتأهيل الإلكتروني؟ إنه نظام تدريبي غير تقليدي يعتمد على التأهيل النشط والفعال من خلال الأنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي المناسبة، ويتحدد بثلاثة عناصر هي المرسل والمستقبل والمحتوى التدريبي (عبد الرازق، 2011) ، بل إن من “أهم تأثيرات العصر الرقمي على التنمية المهنية للمعلم ظهور نظام التنمية المهنية الإلكترونية” (وهبة ،2011).

وبالتالي يمكنك أن تقول أن التنمية المهنية الإلكترونية هي عملية إكساب المهارات الضرورية لرفع المهارات المهنية الإلكترونية بما يمكن المعلمين من تحقيق المعايير المطلوب تحقيقها.

ويزخر الأدب التربوي بالعديد من الدارسات والتجارب الرائدة في التأكيد على أهمية التأهيل الإلكتروني في تحقيق التنمية المهنية للمعلم ومردوداته الإيجابية على المتعلمين وعلى العملية التعليمية، منها دراسة عبد المعطي، وزارع (2012)، ووهبة(2011) وردنه( 2015)، و يونس (2015). ونرى المؤتمرات واللقاءات تعقد هنا وهناك وكلها تحاول جاهدة تنمية مهارات المعلمين الإلكترونية.

كما أن هناك دراسات أكدت على المبررات التي تدعو إلى الأخذ بالتأهيل الإلكتروني في مجال التنمية المهنية للمعلمين من خلال نقد وتفنيد برامج التدريب التقليدية وهي: افتقار برامج التدريب الحالية لمتابعة المفاهيم الحديثة للتنمية المهنية وما ينبغي أن يصاحبها من تطبيقات (الحلفاوي ، 2011)، وتباعد الفترات الزمنية للبرامج التدريبية والورش التعليمية التي يلتحق بها المعلمون (الكبير،2007)، وتقليدية أساليب وطرق تدريب المعلمين واعتمادها على أساليب بعينها كالمحاضرة والإلقاء، ضيق وقت المعلمين المحمل بأعباء المناهج الدراسية وأعمال التقييم و الواجبات، وإمكانية المشاركة لبرنامج التأهيل الإلكتروني في وقت وأي مكان بما يتناسب مع ظروف المعلم.

هل علمت أن التأهيل الإلكتروني للمعلم له سمات متعددة؟ فهو يسهم في تمكين المعلم من التحصيل والاستفادة بما يتفق مع ظروف عمله والوقت المناسب والمتاح لديه، و توفير كبير في الوقت والجهد والنفقات، كما يتيح التأهيل الإلكتروني عبر الإنترنت للمتدربين تكرار أنشطة التدريب حسبما يشاؤون.

من هذا المنطلق أصبح التطوير المهني خيارا لا بديل عنه أمامنا كمعلمين ومعلمات وماكنا نجده شاقاّ بالأمس أصبح سهلّا ويسيرا، فأصبح المعلمون أنفسهم يسعون لورش العمل، والندوات، والمحاضرات، وكافة الوسائل الإلكترونية المتاحة للدخول في مجتمعات النمو المهني لمواكبة التعليم عن بعد.

ومن خلال ما اشتمله التأهيل الإلكتروني للمعلمين من مزايا هل تعتقد أنه يسهم في تحقيق التنمية المهنية للمعلمين؟ “يسهل التأهيل الإلكتروني في تنظيم برامج، وأنشطة التنمية المهنية لجميع المعلمين باختلاف مستوياتهم المهنية وتخصصاتهم العلمية “(محمد، 2007)، كما يساعد في التغلب على صعوبات التدريب التقليدي للمعلم، هذا إضافة إلى الاستفادة الجمة المتحققة من مختلف المواقع الإلكترونية (إبراهيم، 2007)، ويساعد التأهيل الإلكتروني المعلم على الاطلاع على الجديد في مجال تخصصه من طرق واستراتيجيات وطرق تقويم تتناسب مع التطورات التقنية الحالية.

وإذا كان لكل مجال معوقاته فكذلك التدريب الإلكتروني للمعلمين وأهمها عدم كفاية مستلزمات التصميم والتنفيذ، وعدم كفاية المواد اللازمة للتدريب، وضعف بنية الاتصالات اللازمة، وتوفير الصيانة الدائمة بالإنترنت (عبد المعطي، وزارع ، 2012).

من الأهمية بمكان تناول بعض التوصيات التي يمكن أن تساهم في تأصيل التأهيل الإلكتروني للمعلم منها:

إنشاء جهاز أو هيئة التأهيل الإلكتروني للمعلمين يكون مسؤولاً عن التخطيط لبرامج التأهيل الإلكتروني للمعلمين.
إنشاء شبكة إلكترونية تربط بين المدارس والوزارة، التنوع والتوسع في برامج التأهيل الإلكتروني للمعلمين.
توفير الحوافز والمنح للمعلمين لرفع حماستهم على المشاركة في برامج التأهيل الإلكتروني.
توفير كفاءات من المدربين المتخصصين للتدريب الإلكتروني.
عقد لقاءات بين المتخصصين من أعضاء هيئة التدريس الجامعي ومجموعة من المعلمين لمناقشة كافة المشكلات الهامة، ومحاولة إيجاد الحلول لها، تزويد المدرسة بكافة تقنيات التعليم عن بعد.
إبراز دور التعليم المتكامل المتطور بين التكنولوجيا والطريقة التقليدية في رؤية 2030 وتعزيز اقتصاد المعرفة (الحمادي وآخرون ، 2017).
وختاماَ هل نتفق سوياَ أن مسألة التأهيل الإلكتروني للمعلم والاستثمار فيه لم تعد ظاهرة محلية أو إقليميـة فقط، بل غدت ظاهرة عالمية، ومدخل هام ومحوري في عملية التنمية المهنية للمعلمين، وذلـك لاعتبـارات تكنولوجيـة ومعرفية متسارعة؟ لقد بات من الضروري تأهيل وتدريب المعلمين إلكترونيّا وتنميتهم مهنيّا بطريقة تمكنهم من اكتساب المهارات الصفية واللاصفية التي تعينهم على مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية المرتبطة بمهنة التعليم.

تعليم جديد