أخبار عاجلة
الرئيسية / تعليم جديد / التنمر الوظيفي وأثره على أداء الموظفين في المؤسسات التعليمية

التنمر الوظيفي وأثره على أداء الموظفين في المؤسسات التعليمية

Spread the love

يشكل  التنمر واحدا من أبرز المصطلحات المتداولة خلال الفترة الأخيرة بين عامة الناس وعلى مواقع التواصل الاجتماعي. وهذا المصطلح ليس بالحديث؛ بل إنه قديم قدم الإنسان، فهو من التصرفات السلبية التي يتبعها بعض البشر، مثلها مثل تصرفات سلبية عديدة، وهو سلوك يعد من أنواع العنف والعدوانية التي يتعرض إليها الإنسان، والتي تقع عليه نتيجة للاستقواء عليه، ومحاولة التقليل من شأنه في جانب من الجوانب، فيتم نقده بشدة حتى تؤذى مشاعره؛ حيث يتم مهاجمة الشخص المتنمر عليه بالاستهزاء بصفة أو نقص أو فعل قام به، أو تصرف تعرض له، أو حتى شيء يتعلق بمظهره وشكله الخارجي مما يقلل من شأنه وثقته بنفسه، وينعكس عليه سلبًا بالتأثير على نفسيته بصورة سيئة.

وظاهرة التنمر موجودة على كل مستويات الحياة، وليست قاصرةً على جانب من دون آخر، وتبرز في بيئة العمل كما في الحياة عمومًا، حيث يتعرض بعض الموظفين لأشكال مختلفة من التنمر الوظيفي ، ولقد عني العديد من الباحثين بالوقوف على ظاهرة التنمر على صعيد بيئة العمل؛ نظرًا لتأثيرها الكبير على الموظفين وأدائهم، وبالتالي على العمل وأداء المهام، وإنجاز الخطط والاستراتيجيات والمهام التي تنشدها المؤسسات التعليمية والمنظمات بشكل عام.

وتُعرف ظاهرة التنمرالوظيفي بأنها :

ميل بعض مديري أو رؤساء العمل إلى السيطرة والهيمنة على مرؤوسيهم ومضايقتهم بالتسلط والقسوة والتعنيف لدرجة أن عدداً لا يستهان به من الموظفين قد يجبرون نفسيًا أو قهرًا على ترك العمل، ويكون التنمر من خلال الأفعال اللفظية أو السلوكية التي تصدر عن فرد أو مجموعة من الأفراد وتلحق الضرر النفسي أو الجسدي بفرد أو مجموعة من الأفراد، وقد يكون هذا التنمر يمس طريقة كلام الفرد أو طريقة عمله، أو مظهره، أو ملبسه، وقد يتمادى البعض في ذلك إلى التنمر على إعاقة يعاني منها الفرد (العزوني، 2020).

ولعل أشد أنواع التنمر التي يعاني منها الموظفون في بيئة العمل ينتج من التسلط الوظيفي على الموظف ويتم ذلك من خلال الاستخفاف بالموظف أو التقليل من شأنه أو تحقيره أو تهديده، أو حتى الخصم من راتبه، أو الفصل المؤقت وبدون أسباب تذكر (علي ومحمد، 2021).

ويعد أداء العاملين مقياسًا أساسيًا لمعرفة تعرض الموظف للتنمر من عدمه، فالأداء يعبر عما يتمتع به الموظفون في المؤسسات التعليمية بصفة عامة من مهارات، وقدرات وإمكانيات. فإذا كان الأداء مناسبا للعمل المطلوب إنجازه فإنه يحقق الغرض منه، أما إذا كان الأداء لا يرقى إلى المستوى المطلوب لإنجاز العمل فإن ذلك يتطلب تطوير الوسائل المستخدمة لرفع كفاءة العاملين وتحسين أدائهم؛ للوصول إلى المستوى المطلوب من الأداء. والأداء بصفة عامة هو تحويل المدخلات التنظيمية إلى مخرجات بمواصفات فنية وأهداف محددة (زغبة ومحاد، 2019).

إن أداء الموظف في العمل يتأثر بشكل كبير ببيئة العمل، وما تحتوي عليه من أمور، ونجاح الموظف، وتحسين مستوى أدائه وجودة عمله، يعني أنه يتمتع بحالة من الرضا الوظيفي، وهو “الشعو الإيجابي الذي يشعر به الموظف بشكل عام تجاه عمله، وهو أحد الأسباب لتحقيق احتياجاته ورغباته في العمل، ويعتبر من الأهداف الأساسية التي تسعى إليه الوزارة للحصول عليه لما له من دور في زيادة إنتاجية الموظفين وتحفيزهم” (الوهيبي والسدراني، 2020).

وهذا الشعور يتحقق من خلال شروط عديدة يجب أن تتوافر في بيئة العمل على غرار توفر حالة من الارتياح والقبول عند إشباع الحاجات والرغبات التي تتوفر في الوظيفة وبيئة العمل، ويقصد بهذه الحاجات والرغبات ما يرتبط بالموظف نفسه، وهذه الحاجات تتمثل بشكل حوافز مادية أو معنوية يتلقاها خلال عمله، وهي ما تزيد دافعيته نحو العمل، وتجعله أكثر حرصًا عليه، وتمسكًا به، وتحسن من جودة أداء الخدمات التي يقدمها، وسرعة تنفيذه للمهام الموكلة إليه من دون كلل أو ملل.

وعلى الجانب المضاد، فإن التنمر يمثل ظاهرة معاكسة لحالة الرضا الوظيفي، أو لنقل إنها تؤثر سلبًا على الموظف وتضعف حالة الرضا الوظيفي التي يشعر بها اتجاه العمل، وربما زوالها نهائيًا درجة نفوره من العمل، وعزوفه تدريجيًا عنه حتى تركه للعمل نهائيًا، وذلك أن الإنسان لا يعمل في ظل بيئة يتعرض فيها للإيذاء النفسي والجسدي بشكل متكرر بسبب شيء معين، فيشعر بالنقص في ذلك العمل، وتبدد العلاقات الإنسانية التي تربطه بزملاء العمل والمرؤوسين والمديرين وغيرهم ممن يتعامل معهم بشكل يومي، وطوال وقت الدوام الذي يمتد إلى ساعات ليست قليلة.

وشعور الموظفين بالتقليل من شأنهم أو بالتسلط والسيطرة يولد لديهم مشاعر سلبية لأن شعورهم بأن المنظمة تقوم بأعمال غير عادلة ويقصدون إيذاءهم بطرق متعددة، مثل الصراخ، والهجوم الدائم، والألفاظ غير اللائقة، والتي تقلل من الشأن وتحقر الموظفين؛ وتجعلهم يشعرون بالتفويض في العمل والكراهية والبغض وعدم الراحة (النعيمي وعزيز، 2018).

إن الموظف لا ينجز ولا يمارس مهامه ويؤدي الأعمال المنوطة به بكل سهولة وجودة؛ إلا إذا كان يشعر بالراحة النفسية، والانتماء إلى العمل، والشعور بالرضا عنه من نواحٍ عدة سواء من ناحية الرضا عن طبيعة العمل، والراتب الشهري، والعلاقة بين العاملين والمديرين القائمة على الاحترام والتقدير المتبادل، وكذلك العلاقة الودية الجيدة التي تجمع بينه وبين بقية العاملين والتي تساعد على خلق بيئة عمل صحية، تساعده على إنجاز العمل من دون ضغوط نفسية، وخوف وتوتر، ومما يحصل حوله.

ولتقليل الآثار الناجمة عن التنمر في بيئة العمل؛ يتطلب الأمر دوراً حاسماً من الإدارة العليا من حيث الاهتمام بعامليها، وخلق بيئة صحية تساعد على الإنتاج والابتكار، ووضع القوانين الداخلية التي تبين حقوق وواجبات العاملين وتوضحها، ومنها العقوبات الجزائية لكل من يمارس أو يساند أو يدعم التنمر الوظيفي، وتشكيل فريق عمل مختص في علم النفس، ومع تكرار حالات التنمر يجب تشجيع الموظفين على التبليغ عن أي حالة تنمر وظيفي مع ضمان سلامة العاملين (عبد العزيز، 2020) هذا في حالة وعي إدارة العمل بأهمية تنظيم بيئة العمل واستقرارها على جميع المستويات؛ لضمان جودة العمل، وتطوير بيئة العمل، وتحسين أداء المؤسسة التعليمية  بشكل عام.

تعليم جديد